نصب يشبه ستونهنج يتحرك بشكل غامض منذ آلاف السنين
روجيم الحيري، هيكل أثري قديم على شكل متاهة يُعتقد أن عمره يقترب من 5000 عام، يحمل العديد من الأسماء المستعارة. يُطلق عليه أحيانًا “ستونهنج الشرق”، أو “ستونهنج بلاد الشام”، وربما أكثر الأسماء غرابة هو “عجلة الأشباح”. ومع هذه الأسماء العديدة، تتعدد النظريات أيضًا حول سبب بناء هذا الموقع في الأصل.
دراسة جديدة نُشرت في مجلة Remote Sensing تسعى إلى دحض فكرة شائعة حول الموقع. فقد توصل الباحثون إلى أن روجيم الحيري لم يكن مرصدًا فلكيًا، على الأقل بالمعنى الذي نفهمه اليوم. والسبب؟ الأرض التي بُني عليها الموقع تتحرك باستمرار.
حركة تكتونية تغير موقع النصب
تتحرك الصفائح التكتونية في منطقة مرتفعات الجولان بمعدل يتراوح بين 0.3 و0.6 بوصة سنويًا. وبذلك، يكون موقع روجيم الحيري، الذي يقع على بعد حوالي 10 أميال شرق بحيرة طبرية، قد تحرك مسافة تُقدر بـ 131 قدمًا خلال الـ 4000 سنة الماضية. هذه الحركة غيّرت تمامًا اتجاهات هيكل النصب الحجري.
وكتب الباحثون في الدراسة: “موقع روجيم الحيري قد تحرك باتجاه عكس عقارب الساعة وابتعد عن موقعه الأصلي بعشرات الأمتار”. وأضافوا: “هذا يعني أن الاتجاه الحالي للجدران الشعاعية والمداخل ليس كما كان بين عامي 4000 و2000 قبل الميلاد، مما ينفي إمكانية توافقها مع الأجرام السماوية في الماضي”. وبالتالي، يُستبعد أن يكون النصب قد استُخدم كمرصد فلكي.
لغز البناء ووظائفه المحتملة
تم اكتشاف الموقع لأول مرة عام 1968، ومنذ ذلك الحين لم تظهر أدلة حاسمة تُفسر الغرض من بنائه، رغم المحاولات العديدة من علماء الآثار للبحث عن أدلة في المنطقة المحيطة. يتألف الموقع من كومة مركزية من الحجارة، تُعرف باسم كارن، تحيط بها دوائر متحدة المركز من حجارة البازلت وجدران شعاعية. يبلغ قطر الموقع حوالي 492 قدمًا، فيما تصل محيطاته الإجمالية إلى نحو 1640 قدمًا.
يعتقد الخبراء أن موقعًا بهذا الحجم وبهذا التعقيد التصميمي لابد أنه كان له هدف محدد وربما بالغ الأهمية. ورغم استبعاد النظرية الفلكية، تعددت التفسيرات حول الغرض منه؛ فمنها أنه كان قلعة عسكرية، أو موقع دفن فاخر لشخصية بارزة من العصور القديمة.
تشير الدراسة الحديثة إلى أن التوزيع المكاني لمجموعات الأحجار التي تشبه الزهور قد يكون له علاقة بوظائف متنوعة، وربما كانت منطقة الدفن متصلة بميزات أثرية أخرى.
وذكر الباحثون: “معظم الهياكل الأثرية في المنطقة أُعيد استخدامها بعد فترة طويلة من بنائها الأصلي. وهذا شمل إضافة ميزات جديدة، وبناء جدران فوق القديمة، وإعادة تشكيل المشهد بأشياء جديدة. روجيم الحيري هو مثال بارز على هذا التسلسل المعقد”.
التفسيرات القديمة والتحديات الجديدة
في عام 1998، ربطت دراسة تخطيط الموقع، بما في ذلك المداخل والأبعاد، بفلك العصر البرونزي. وبناءً على ذلك، افترض الخبراء أن الموقع ربما كان مرصدًا. لكن الدراسة الجديدة تنفي هذا الافتراض، موضحة أن الكتل التكتونية في شمال إسرائيل تحركت باستمرار على مدار آلاف السنين في مسار بيضاوي عكس عقارب الساعة.
حتى الآن، ربما لم يكن هناك شخص على دراية كاملة بمدى الحركة التي شهدها النصب منذ بنائه الأول. وبالتالي، فإن تسمية “عجلة الأشباح” قد تكون الوصف الأكثر ملاءمة، حيث أن الحركة المستمرة للموقع تتحدى النظريات السابقة حول توافق جدرانه مع الأجرام السماوية وتثير تساؤلات حول وظيفته الأصلية.