كيف أصبحت مصر وجهة أساسية للاستثمار الصيني
أحد الأمثلة البارزة على سعي الصين لزيادة التفاعل مع دول الجنوب العالمي هو نشاطها الاقتصادي والدبلوماسي المتزايد في مصر، حيث تتواصل زيارات رسمية واستثمارات الشركات الصينية في مجموعة متنوعة من القطاعات، معتمدة على علاقات طويلة الأمد.
لقد تسارعت سياسة الصين لتعزيز العلاقات مع دول الجنوب العالمي في السنوات الأخيرة، ويمكن رؤية ذلك في تطوير علاقاتها الواسعة مع مصر. تحت مظلة الشراكة الاستراتيجية الشاملة، استثمرت الصين بشكل كبير في مصر، خاصة في صناعات الزراعة، التكنولوجيا، الصلب، البناء، النسيج والسياحة.
في 13 مايو، افتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المرحلة الأولى من مشروع كبير غرب القاهرة، تم بناؤه بمساعدة مجموعة فامسون الصينية ويهدف إلى تحقيق الأمن الغذائي وتصدير المنتجات الزراعية. من المتوقع أن تحقق مصر توفيرات كبيرة في هذا المشروع الذي يشمل إنشاء منطقة صناعية لتصنيع الأغذية، من خلال دفع تكاليفه بالجنيه المصري بدلاً من الدولار الأمريكي.
من خلال الدبلوماسية الرئاسية والاجتماعات بين المسؤولين الصينيين والمصريين، تتطور العلاقات بين مصر والصين في المجالات الاقتصادية، السياسية، الثقافية والأمنية. وفقاً لتصريح السفير الصيني في مصر لياو لي تشيانغ الشهر الماضي، “لقد دخلت العلاقات الثنائية مساراً سريعاً وهي الآن في أفضل حالاتها.”
في وقت سابق من هذا الأسبوع، أطلقت شركة هواوي تكنولوجيز نموذجها اللغوي الكبير باللغة العربية (LLM) في قمة هواوي كلاود في القاهرة. وفقاً لهواوي، فإن قدرة التعرف التلقائي على الكلام لنموذج LLM باللغة العربية تتمتع بمعدل دقة يبلغ 96% ولديها القدرة على تغطية أكثر من 20 دولة تتحدث العربية.
وبالمثل، كجزء من الجهود لتعزيز الفهم الثقافي المتبادل، أعلن متحف شنغهاي عن معرض قادم بعنوان: “على قمة الهرم: حضارة مصر القديمة”، والذي قد يكون أكبر عرض لحضارة مصر القديمة في آسيا.
تقع مصر في الطرف الشمالي الشرقي من أفريقيا، مما يمنحها موقعاً استراتيجياً يربط بين أفريقيا، الشرق الأوسط، آسيا وأوروبا. لهذا السبب كانت مصر أول دولة في جولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي لأفريقيا في يناير. التقى وانغ بالسيسي ومسؤولين مصريين آخرين في القاهرة لتعزيز العلاقات الثنائية وتسريع الزخم من أجل تعاون سياسي واقتصادي أكبر بين البلدين.
تعتبر الصين مصر وجهة استثمارية أساسية. يجذب المستثمرون الصينيون للاستثمار في المناطق الصناعية الحرة التي يتم إنشاؤها في البلاد مثل مدينة العلمين الجديدة ومنطقة قناة السويس الاقتصادية. تعد الصين واحدة من أكبر الشركاء التجاريين لمصر، حيث تنمو صادرات الصين إلى مصر بمعدل سنوي يزيد عن 14% في السنوات الـ25 الماضية، في حين نمت صادرات مصر إلى الصين بمتوسط يقارب 18% سنوياً خلال تلك الفترة.
مع استمرار ارتفاع أسعار الفائدة بين المقرضين الغربيين، يبدو سوق رأس المال المحلي في الصين أكثر جاذبية لمصر والدول الأفريقية الأخرى التي تسعى للحصول على قروض وتمويل منخفض التكلفة. لا سيما بعد انضمام مصر إلى مجموعة البريكس، والذي دخل حيز التنفيذ رسمياً في يناير، بدأت الاستثمارات الصينية في مصر تشهد ازدهاراً.