تراجع الأسواق المالية الأمريكية بانتظار خطاب باول: ناسداك يتصدر الخسائر
شهدت الأسهم الأمريكية تراجعًا يوم الخميس، حيث قادت أسهم التكنولوجيا الانخفاضات مع توجه المستثمرين نحو التركيز على الخطاب الرئيسي لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، يوم الجمعة. وجاء هذا التراجع في وقت حساس حيث تترقب الأسواق أي تلميحات بشأن مستقبل السياسة النقدية الأمريكية، وهو ما دفع بالمؤشرات الرئيسية نحو الانخفاض.
انخفض مؤشر S&P 500 بنسبة 0.9% تقريبًا، بينما تراجع مؤشر ناسداك المركب، الذي يضم الشركات التكنولوجية الكبرى، بنسبة 1.7% تقريبًا، بقيادة انخفاض أسهم شركة Nvidia، الرائدة في تصنيع رقائق الذكاء الاصطناعي. ويُعتبر هذا التراجع في ناسداك من بين أكبر الخسائر التي شهدها المؤشر منذ عدة أسابيع، حيث كان قطاع التكنولوجيا في مقدمة القطاعات الأكثر تأثرًا بالتوقعات الاقتصادية المستقبلية.
كما انخفض مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 0.5% بعد أن أغلقت المؤشرات الثلاثة باللون الأخضر يوم الأربعاء. ويُعد هذا التراجع بمثابة انعكاس للاتجاه الصعودي الذي شهدته الأسواق في الأيام السابقة، والذي جاء نتيجة التفاؤل بشأن إمكانية حدوث تحول في سياسة الاحتياطي الفيدرالي.
القلق من خطاب جاكسون هول
بدأت ندوة جاكسون هول التابعة للاحتياطي الفيدرالي يوم الخميس، وسط حالة من الترقب الشديد بين المستثمرين وصناع القرار الاقتصادي. وقد زادت أهمية هذا الحدث في ضوء توقعات بأن يقدم جيروم باول رؤى جديدة حول توجهات السياسة النقدية المستقبلية، خاصة في ظل البيانات الاقتصادية الأخيرة التي تشير إلى تباطؤ محتمل في النمو الاقتصادي.
تُعتبر ندوة جاكسون هول واحدة من أبرز الأحداث الاقتصادية التي ينتظرها المحللون والمستثمرون على حد سواء. فالخطاب الذي سيلقيه باول قد يحدد مسار الأسواق المالية في الأشهر القادمة، حيث تتطلع الأسواق إلى معرفة ما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي سيمضي قدمًا في خفض أسعار الفائدة أم لا.
محاضر الاحتياطي الفيدرالي ودلالاتها
أظهرت محاضر الاجتماع الأخير لمجلس الاحتياطي الفيدرالي أن العديد من المسؤولين كانوا منفتحين على خفض سعر الفائدة في يوليو، مما يشير إلى أن التحول في السياسة قد يحدث في قرار الشهر المقبل. وقد ساعدت الآمال المتزايدة بشأن خفض أسعار الفائدة الأسواق في تعويض الخسائر التي تكبدتها في أوائل أغسطس. هذا التوجه نحو خفض الفائدة يأتي في وقت تحاول فيه السلطات المالية تحفيز الاقتصاد الأمريكي الذي أظهر علامات على التباطؤ.
وأشارت المحاضر إلى وجود نقاشات مكثفة بين أعضاء اللجنة حول مدى ملاءمة خفض الفائدة في الوقت الحالي، مع الأخذ في الاعتبار التأثيرات المحتملة على التضخم والنمو الاقتصادي. ويرى بعض المحللين أن الخفض المرتقب قد يكون ضروريًا للحفاظ على استقرار الأسواق وتعزيز الثقة في الاقتصاد.
بيانات سوق العمل وتأثيرها على الأسواق
في صباح الخميس، أظهرت بيانات جديدة من وزارة العمل الأمريكية أن عدد طلبات إعانة البطالة الأولية للأسبوع المنتهي في 17 أغسطس بلغ 232,000، بزيادة عن 228,000 في الأسبوع السابق، ووفقًا لتوقعات الاقتصاديين. وعلى الرغم من أن هذه الزيادة طفيفة، إلا أنها تعكس بعض التباطؤ في سوق العمل، وهو ما قد يؤثر على قرارات الاحتياطي الفيدرالي المقبلة.
تضمنت البيانات التي صدرت صباح الخميس تعديلًا رسميًا في بيانات الرواتب، مما أظهر أن سوق العمل – وهو عنصر أساسي في قرارات صناع السياسات – قد بدأ في التراجع قبل الوقت الذي كان يُعتقد سابقًا. هذا التراجع في سوق العمل يُعد مؤشرًا مهمًا على حالة الاقتصاد الكلي، حيث يُعتبر سوق العمل أحد المحركات الرئيسية للنمو الاقتصادي.
تأثير التوقعات الاقتصادية على الأسواق
يمكن أن تؤثر هذه المؤشرات على مدى عمق خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة، مع تزايد الآمال بتخفيض بنسبة 0.5%. وإذا تحقق هذا الخفض، فقد يشهد الاقتصاد الأمريكي دفعة جديدة نحو الاستقرار، لكن هذا يعتمد بشكل كبير على كيفية استجابة الأسواق للسياسات الجديدة.
وفي الوقت الذي تترقب فيه الأسواق خطاب باول، فإن التوقعات تشير إلى أن أي تلميحات بشأن تخفيف السياسة النقدية قد تدفع بالأسهم إلى الارتفاع مجددًا، لكن المخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي قد تستمر في الضغط على الأسواق. في نهاية المطاف، يعتمد مستقبل الأسواق على مجموعة معقدة من العوامل الاقتصادية والسياسية، وهو ما يجعل الفترة القادمة حاسمة بالنسبة للمستثمرين وصناع السياسات على حد سواء.