الأسواق الآسيوية تتراجع وسط مخاوف من تباطؤ النمو والرسوم الجمركية

شهدت أسواق الأسهم الآسيوية تراجعاً ملحوظاً يوم الجمعة، في نهاية أسبوع اتسم بالتشاؤم، حيث أثرت المخاوف المتزايدة بشأن التوترات الجيوسياسية والرسوم الجمركية الأمريكية على شهية المستثمرين تجاه المخاطر، مما دفعهم نحو الأصول الآمنة مثل الذهب، الذي بقي قريباً من أعلى مستوياته التاريخية.

وتوقعت الأسواق الأوروبية أن تواصل نفس النغمة السلبية، حيث هبطت العقود الآجلة لمؤشر “ستوكس 50” الأوروبي الشامل ومؤشر “داكس” الألماني بنسبة 0.5%. كما سجلت العقود الآجلة لمؤشري “ستاندرد آند بورز 500″ و”ناسداك” الأمريكيين انخفاضاً طفيفاً.

وفي ظل أسبوع حافل باجتماعات البنوك المركزية، تبنّى صانعو السياسات حول العالم موقفاً حذراً، نظراً لتصاعد حالة عدم اليقين على الصعيدين الاقتصادي والسياسي. فقد أبقى كل من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وبنك اليابان، وبنك إنجلترا على أسعار الفائدة دون تغيير.

وأشار مسؤولو البنوك المركزية إلى أن الآفاق المستقبلية ما تزال غير واضحة، وذلك إلى حد كبير بسبب تصاعد التوترات التجارية الناتجة عن السياسات الجمركية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يعتزم فرض رسوم جمركية متبادلة جديدة في الثاني من أبريل، ما يزيد من حالة الضبابية في الأسواق.

في الوقت نفسه، زادت حدة التوترات الجيوسياسية بعد تقارير عن غارات جوية إسرائيلية على غزة، وانفجار هائل ناتج عن هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية استهدف قاعدة جوية روسية، ما دفع المستثمرين إلى الابتعاد عن الأصول عالية المخاطر.

وقالت تشارو تشانانا، كبيرة المحللين الاستراتيجيين في “ساكسو بنك”، إن “احتمالات خفض أسعار الفائدة في المدى القريب لا تزال بعيدة، ما يدفع الأسواق إلى إعادة التركيز على مخاوف النمو والمخاطر الجمركية، وهو ما سيستمر في تغذية حالة التقلب”.

وسجل مؤشر “إم إس سي آي” الأشمل لأسهم منطقة آسيا والمحيط الهادئ (باستثناء اليابان) انخفاضاً بنسبة 0.9%، وسط تراجعات حادة في أسواق الصين وهونغ كونغ وتايوان وإندونيسيا.

وهبط مؤشر “هانغ سنغ” في هونغ كونغ بنسبة 2%، مواصلاً التراجع للأسبوع الثاني على التوالي بعد موجة صعود لأسهم التكنولوجيا دفعت المؤشر لأعلى مستوى في ثلاث سنوات يوم الثلاثاء. ورغم التراجع، يبقى المؤشر مرتفعاً بنسبة 18% منذ بداية العام، ليكون أفضل أداءً بين المؤشرات العالمية الكبرى.

وفي اليابان، سجل مؤشر “توبكس” أعلى مستوى له منذ ثمانية أشهر مدفوعاً بمكاسب لأسهم القطاع المصرفي، بعد صدور بيانات تضخم أقوى من المتوقع، عززت التوقعات بقيام بنك اليابان برفع الفائدة مجدداً.

وينصب اهتمام المستثمرين حالياً على تفاصيل الرسوم الجمركية الأمريكية المرتقبة في الثاني من أبريل، في ظل تنامي المخاوف من تأثير تبادل الرسوم الجمركية على التضخم والنمو الاقتصادي.

وقال جورج بوبوراس، مدير الأبحاث في شركة “كي تو لإدارة الأصول”، إن حالة القلق المتزايدة تزيد من تقلبات السوق. وأضاف: “التحولات المفاجئة في التوقعات المستقبلية تؤدي فعلياً إلى أحداث تقلب مضاعفة”.

وساهمت حالة عدم اليقين المتصاعدة، إلى جانب تأكيد الاحتياطي الفيدرالي أنه ليس في عجلة من أمره لخفض الفائدة، في دعم الدولار. وقد استقر مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية أمام ست عملات رئيسية، عند 104.09 بعد ارتفاعه بنسبة 0.36% يوم الخميس.

وكان المؤشر قد تراجع هذا الأسبوع إلى أدنى مستوى له منذ خمسة أشهر، بعد أن تراجعت آمال المستثمرين في سياسات اقتصادية داعمة للنمو تحت إدارة ترامب، ليحل محلها القلق من أن الحرب التجارية العالمية التي أطلقها قد تؤدي إلى ركود اقتصادي أمريكي.

أما الين الياباني، فقد انخفض أمام الدولار ليصل إلى 149.50. ومع ذلك، لا يزال الين مرتفعاً بنسبة 5% منذ بداية العام، في ظل توقعات بأن بنك اليابان سيرفع الفائدة مرة أخرى خلال عام 2025.

وأظهرت البيانات أن معدل التضخم الأساسي في اليابان بلغ 3.0% في فبراير، كما سجل مؤشر الأسعار الذي يستثني الوقود أعلى وتيرة ارتفاع له منذ نحو عام، ما يشير إلى زيادة الضغوط السعرية ويعزز التوقعات بقيام بنك اليابان باتخاذ خطوات إضافية في السياسة النقدية.